بسمة و..
جميلة واللي هببته فينا
لم أستطع أن أبعد عيني عنها عندما أتت إلى المصلحة اليوم لتزور عبير صديقتنا؛ فقد كانت "على سنجة عشرة ونص"، مع إننا لانزال في نهار رمضان، وفي الحقيقة لم أكن أنا وحدي التي ظللت أتأملها؛ فقد كان مكتبنا كله يحملق فيها، وبعد وهلة قامت عبير بتقديم أحدنا للآخر، وكان اسمها على مسمى "جميلة"، وقد كانت حقاً كما يعبر عنها اسمها.
ولكني بعد فترة من التأمل اكتشفت اكتشافات جوهرية، وهي أنها كانت "صناعية 100%"؛ فقد كانت تضع على وجهها أطناناً من المساحيق التجميلية؛ هذا فضلاً عن الأجهزة التعويضية، مثل العدسات "المستخبية المحطوطة في العين ومدارية".
وهذا كان أقل ما اكتشفته؛ لأن ما خفي كان أعظم؛ ولكني بهرت بها لأقصى درجة، "ودخلت دماغي وخيشت فيه"، وعزمت في قرارة نفسي أن أقلدها، "يمكن يطلع مني حاجة، وإبراهيم يتبسط بيا".
وصباح اليوم الثاني بعد ذهاب إبراهيم للعمل أحضرت أدوات المكياج، وبدأت العمل باجتهاد حتى انتهيت بعد حوالي الساعتين، ونظرت لنفسي في المرآة؛ فوجدت واحدة أخرى تماماً غير بسمة القديمة.
ودخل علي فارس فشهق وصرخ: إلحقووووني، مين المُزة دي، إنتي مين؟ مانتي أكيد مش حرامية، ما هو ما فيش حرامية حلوة أوي كده!!!
فرديت عليه وأنا في منتهى السعادة: بلاش يا ولد قلة أدب.. حرامية في عينك، ده أنا أمك.. بسمة.
فرد علي: إيه ده كله.. كنتي مخبية الحاجات دي فين بس؟.. وبعدين إنت جاية تظهريها دلوقتي في رمضان!!
فشعرت بالخجل من نفسي؛ ولكني لم أرد أن بين هذا الشعور أمام ابني؛ لذلك "آوحت" وقلت له: ده يوم يعني وهيعدي يا فارس، ومش هيحصل حاجة.
وتركته واتجهت إلى العمل مثل كل يوم؛ ولكنه للأسف لم يكن مثل أي يوم؛ لأني اكتشفت أن رمضان وباقي شهور السنة سواء؛ فسمعت في الشارع أجمل عبارات الغزل "اللي لو سمعها إبراهيم كان زمانه طلقني أو قتل اللي بيقولها"؛ ولكن كان فيها أيضاً بعض العبارات "اللي مش ولابُد، واللي عملت نفسي مش سامعاها".
ووصلت للعمل وبهر بي الجميع، وعندما حان موعد أذان الظهر، ذهبت للصلاة، وعندما خطوت بقدمي إلى المسجد وجدت مجموعة من النساء المتشحات بالسواد، واللائي لا يظهر منهن سوى أعينهن فقط ينظرن إلى بعضهن البعض بنظرات ذات معنى ثم ينظرن إليّ شزراً !!!
فشعرت بالخوف منهن للوهلة الأولى؛ ولكني حاولت ألا أظهره؛ ولكن سرعان ما وجدتهن يتقدمن نحوي في خطوات ثابتة، ونفس النظرة لا تفارق أعينهن!!!
لم أشعر بعد هذا بأي شيء ولم أستطع تذكر أي شيء بعد هذا الحادث؛ لأني وجدت نفسي مكومة في إحدى المستشفيات الحكومية مصابة بكسور وكدمات في جميع أنحاء الجسد، وجواري إبراهيم وإسراء وفارس ينظرون إلي بشفقة، وإبراهيم يقول لي: "إنتي كان مالك ومال اللي بتعمله الستات بس، وما سمعتيش كلام ابنك ليه؟"
فرددت عليه من تحت الكمادات: منك لله يا جميلة ومن اللي عملتيه فينا!!!!