إبراهيم وغض البصر
أنا مية مية وما حدش هيتحرش بيّا
يستعد إبراهيم لمغادرة المنزل في أول أيام الشهر الكريم وهو يقدم قدماً ويعود بالأخرى في محاولة للتغلب على الكسل الذي يلاحقه عادة في رمضان بسبب الروتين اليومي -العمل-.. ينجح إبراهيم أخيراً في اجتياز حاجز السرير بمساعدة زوجته بسمة التي لا تكف عن الصراخ: قووووووووم بقى يا إبراااااااااااااااااااااهيم.
يرتدي إبراهيم ملابسه ويركب الأسانسير الذي تفوح منه رائحة عطر حريمي زكية.. يقول في عقل باله ده إيه الريحة الحلوة دي.. فيتذكر الشهر الكريم الذي يعيشه هذه الأيام قائلاً: أستغفر الله العظيم أستغفر الله العظيم.
وبمجرد أن يصل إلى باب العمارة يجد الست شوشو –ولا مؤاخذة الراقصة- تركب سيارتها وهي ترتدي الحجاب في سابقة هي الأولى من نوعها لراقصة لم تغطِ رجلها، وقررت أن تغطي شعرها؛ بل وبملابس محتشمة لا سمح الله.
فيقول إبراهيم في عقل باله: فعلاً الحلو ما يكملش، دي فتحة الفستان بتاعة الست شوشو وصلت لحد الـ(تيييييييت).. أستغفر الله العظيم.. طب ينفع الكلام ده في رمضان يا جدعان.. يا رب صبر الواحد على اللي بيشوفه، والحمد لله إن ربنا سمح لنا بالنظرة الأولى؛ وإلا كانت الدنيا خربت وما نفعلناش صيام.. المهم لما أتمشى لحد المحطة علشان ألحق الأتوبيس.
فجأة يسمع إبراهيم صوتاً رقيقاً ولا أنعم ولا أجمل ولا......
فيلتفت ليجد الست شوشو تنادي عليه..
الست شوشو: كل سنة وأنت طيب يا أستاذ إبراهيم
إبراهيم ونظره متجهاً نحو الأرض: وإنتي طيبة يا ست شوشو.
شوشو: ما تيجي يا أخويا أوصلك في طريقي بدل بهدلة المواصلات دي في أيام رمضان، وأنت صايم كده.
إبراهيم في عقل باله: يا نهار أسود، هو أنا ناقص، ما كفاية ريحة البرفان واللبس بتاعك، أركب معاكِ، ده صيام إيه ده....
الست شوشو: قلت إيه يا أخويا ساكت ليه؟ ما تيجي.
إبراهيم: لا والله يا ست متشكرين أصل متعود أروح مع أصحابي.
وبالفعل تخلص إبراهيم من براثن الست شوشو الرقّاصة... ووصل لمكتبه وهو يستغفر الله العظيم.. حتى دخل عليه المدير.
المدير: أستاذ إبراهيم كل سنة وأنت طيب، عايزين منك خدمة
إبراهيم: وأنت طيب يا ريس، أنت تأمرني.
المدير: لأ ما فيش بس فيه واحدة متعينة جديد من طرف رئيس مجلس الإدارة، وعايزينك تدرّبها على الشغل، اتفضلي يا أستاذة مع الأستاذ إبراهيم، هو اللي هيتولى مسئولية تدريبك، ولو فيه حاجة ارجعي لي، أنا في المكتب اللي جنبكم.
فجأة تصطدم عينا إبراهيم بفتاة في النصف الأول من العشرينات مرتدية ملابس فاخرة بشعار إليزابيث أردن.
شرد إبراهيم بخياله للحظة في البنت بقوامها الممشوق، ثم عاد للواقع مرة أخرى: أستغفر الله العظيم، هو إيه اللي بيحصل لي ده؟!! هو في مؤامرة علشان ما أكملش صيامي.
قاطعته البنت الجديدة قائلة: أقعد فين يا أستاذ .... ؟
فرد: إبراهيم، اسمي إبراهيم.
البنت: هنبدأ منين يا أستاذ هيما
إبراهيم: والنعمة إبراهيم، والله يبارك لك عايزين نكمل اليوم على خير..
وبالفعل نجح إبراهيم للمرة الثانية في اجتياز الاختبار الصعب، ونزل إلى الشارع متأهباً للعودة إلى البيت لقراءة بعض آيات القرآن قبل المغرب، والاستغفار عن هذا اليوم الغريب.. الذي تكاتف فيه الجميع للتحرش بهيما؛ عذراً أستاذ إبراهيم.
ركب إبراهيم الأتوبيس المكيف الـ (C.T.a) ومدد رأسه على الكرسي المقابل، وبعدما سار لبضعة أمتار صعدت سيدة في منتهى الشياكة والأناقة بجواره وسألته: هو مش حضرتك برضه الأستاذ!!!!!!!
فانتفض إبراهيم قائلاً: لأ مش هو.. ولو هو يبقى مش هو.. ومش هابص، ومش هشم.. وكل النظرات الأولى خلصت خلاص.. وهاصوم يعني هاصوم.. وأقول لك كمان: على جنب يا أسطى.